فصل: خروج إسمعيل بن نوح بخراسان.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.انتقاض محمود بن سبكتكين وملكه نيسابور ثم خروجه عنها.

لما فرغ محمود بن سبكتكين من أمر الفتنة بينه وبين أخيه إسمعيل واستولى على ملك غزنة وعاد إلى بلخ وجد بكثرزون واليا على خراسان كما ذكرناه فبعث إلى الأمير منصور بن نوح يذكر وسائله في الطاعة والمحاباة ويطلب ولاية خراسان فاعتذر له عنها وولاه ترمذ وبلخ وما وراءهما من أعمال بست فلم يرض ذلك وأعاد الطلب فلم يجب فسار إلى نيسابور وهرب منها بكثرزون وملكها محمود سنة ثمان وثمانين وثلثمائة فسار الأمير منصور من بخارى إليه فخرج عنها إلى مروالروذ وأقام بها.

.خلع الأمير منصور وولاية أخيه عبد الملك.

ولما سار الأمير منصور عن بخارى إلى خراسان لمدافعة محمود بن سبكتكين عن نيسابور سار بكثرزون للقائه فلقيه بسرخس ثم لم يلق من قبوله ما كان يؤمله فشكا ذلك إلى فائق فألفاه واجدا مثل ذلك فخلصا في نجواهما واتفقا على خلعه وإقامة أخيه عبد الملك مقامه ووافقهما على ذلك جماعة من أعيان العسكر ثم قبضوا عليه وسملوه أول سنة تسعين لعشرين شهرا من ولايته وولي مكانه أخوه عبد الملك وبعث محمود إلى فائق وبكثرزون يقبح عليهما فعلهما وسار نحوهما طامعا في الاستيلاء على الملك.

.استيلاء محمود بن سبكتكين على خراسان.

ثم سار محمود بن سبكتكين إلى فائق وبكثرزون ومعهما عبد الملك الصبي الذي نصبوه فساروا إليه والتقوا بمرو سنة تسعين وثلثمائة وقاتلهم فهزمهم وافترقوا ولحق عبد الملك ببخارى ومعه فائق ولحق بكثرزون بنيسابور ولحق أبو القاسم بن سيجور بقهستان وقصد محمود نيسابور وانتهى إلى طرسوس فقرب بكثرزون إلى جرجان وبعث في إثره أرسلان الحاجب إلى أن وصل جرجان ورجع فاستخلفه محمود على طرسوس وسار إلى هراة فخالفه بكثرزون إلى نيسابور وملكها ورجع إليها محمود فأجفل عنها ومر بمرو فنهبها ولحق ببخارى واستقر محمود بخراسان وأزال عنها ملك بني سامان وخطب فيها للقادر العباسي واستدعى الولاية من قبله فبعث إليه بالعهد عليها والخلع لبني سيجور وأنزله نيسابور وسار هو إلى بلخ كرسي أبيه فافتقده واتفق أصحاب الأطراف بخراسان على طاعته مثل آل أفريقون بالجوزجان والشاه صاحب غرسيان وبني مأمون بخوارزم.

.استيلاء ايلك خان على بخارى وانقراض دولة بني سامان.

ولما ملك محمود خراسان ولحق عبد الملك ببخارى اجتمع إليه فائق وبكثرزون وغيرهما من الأمراء وأخذوا في جمع العساكر لمناهضة محمود بخراسان ثم مات فائق في شعبان من هذه السنة فاضطربوا ووهنوا لأنه كان المقدم فيهم وكان خصيا من موالى نوح بن نصر فطمع ايلك خان في الاستيلاء على ملكهم كما ملكه بقراخان قبله فسار في جموع الترك يظهر المدافعة لعبد الملك عنه فاطمأنوا لذلك وخرج بكثرزون وغيره من الأمراء والقواد للقائه فقبض عليهم جميعا ودخل بخارى عاشر ذي القعدة ونزل دار الأمارة واختفى عبد الملك فبعث العيون عليه حتى ظفر به وأودعه السجن في أرزكند فمات وحبس معه أخاه أبا الحرث منصور المخلوع وإخوته الآخرين أبا إبراهيم إسمعيل وأبا يعقوب وأعمامه أبا زكريا وأبا سليمان وأبا صالح القاري وغيرهم من بني سامان وانقرضت دولتهم بجد أن كانت انتشرت في الآفاق ما بين حلوان وبلاد الترك ووراء النهر وكانت من أعظم الدول وأحسنها سياسة.

.خروج إسمعيل بن نوح بخراسان.

ثم هرب أبو إبراهيم إسمعيل بن نوح من محبسه في زي امرأة كانت تتعاهد خدمته فاختفى ببخارى ثم لحق بخوارزم وتلقب المنتصر واجتمع إليه بقايا القواد والأجناد وبعث قابوس عسكرا مع ابنيه منوجهر ودارا ووصل إسمعيل إلى نيسابور في شوال سنة إحدى وتسعين وجبى أموالها وبعث إليه محمود مع الترتناش الحاجب الكبير صاحب هراة فلقيهم فافهزم المنتصر إلى أبيورد وقصد جرجان فمنعه قابوس منها فقصد سرخس وجبى أموالها وسكنها في ربيع سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة فأرسل إليها محمود العساكر مع منصور والتقوا فانهزم إسمعيل وأسر أبو القاسم بن سيجور في جماعة من أعيان العسكر فبعث بهم منصور إلى غزنة وسار إسمعيل حائرا فوافى أحياء الغز بنواحي بخارى فتعصبوا عليه وسار بهم إلى إيلك خان في شوال سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة فلقيه بنواحي سمرقند وانهزم إيلك واستولى الغز على سواده وأمواله وأسرى من قواده ورجعوا إلى أحيائهم وتفاوضوا في إطلاق الأسرى من أصحاب ايلك خان وشعر بهم إسمعيل فسار عنهم خائفا وعبر النهر إلى آمل الشط وبعث إلى مرو ونسا وخوارزم فلم يقبلوه وعاودوا العبور إلى بخارى وقاتله واليها فانهزم إلى دبوسية وجمع بها ثم عاد فانهزم من عساكر بخارى وقاتله واليها وجاءه جماعة من فتيان سمرقند فصاروا في جملته وبعث إليه أهله بأموال وسلاح ودواب وسار إليه ايلك خان بعد أن استوعب في الحشد ولقيه بنواحي سمرقند في شعبان سنة أربع وتسعين وثلثمائة وظاهر الغز إسمعيل فكانت الدبرة على ايلك خان وعاد إلى بلاد الترك فاحتشد ورجع إلى إسمعيل وقد افترقت عنه أحياء الغز إلى أوطانهم وخف جمعه فقاتلهم بنواحي مروسية فهزموه وفتك الترك في أصحابه وعبر إ سمعيل النهر إلى جوزجان فنهبها وسار إلى مرو وركب المفازة إلى قنطرة راغول ثم إلى بسطام وعساكر محمود في اتباعه مع أرسلان الحاجب صاحب طوس وأرسل إليه قابوس عسكرا مع الأكراد الشاهجانية فأزعجوه عن بسطام فرجع إلى ما وراء النهر وأدرك أصحابه الكلل والملال ففارقه الكثير منهم وأخبروا أصحاب ايلك خان وأعلموهم بمكانه فكبسه الجند فطاردهم ساعة ثم دخل في حي من أحياء العرب بالفلاة من طاعة محمود بن سبكتكين يعرف أميرهم بابن بهيج وقد تقدم إليهم محمود في طلبه فأنزله عندهم حتى إذا جن الليل وثبوا عليه وقتلوه وذلك سنة خمس وتسعين وثلثمائة وانقرض أمر بني سامان وانمحت آثار دولتهم والبقاء لله وحده.